السابق

 

 

خاطرة رقم

 

اليوم "قاعدة" ... وغدا "قواعد" !

 

سترتكب الإدارة الأمريكية خطأ فادحا إذا اعتقدت أنها ستقضي على تنظيم القاعدة بالوسائل التي تستعملها حاليا.

وسترتكب خطأ أفدح إذا اعتقدت أن شن حرب على العراق لإسقاط نظامه سيجعلها تسترجع هيبتها بعد أن فشلت في إسقاطه بالحصار الشامل الذي ضربته عليه! وأن ذلك سيمكنها من الهيمنة على بترول العراق واستبداله ببترول السعودية حين تتصدى لتغيير نظامها "منبع الإرهاب" كما تقول!

تخطئ الإدارة الأمريكية في كل ذلك لسبب بسيط هو النتيجة لن تكون غير قيام تنظيمات "قواعد" أخرى غير التي تواجهها اليوم.

إن تنظيم القاعدة الراهن يتصرف باسم الإسلام، ولكن تصرفات الإدارة الأمريكية في أفغانستان والفلبين وموقفها إزاء قضية فلسطين والعراق وإيران لا تعمل إلا على تعمم الشعور بضرورة التصدي للإمبراطورية الأمريكية. ومثال "القاعدة" يقدم نموذجا لنوع من أنواع التصدي الممكنة.

وإذن نحن لا نستبعد أن تقوم "غدا" تنظيمات تقوم بما تقوم به "القاعدة" اليوم، ولكن لا باسم الإسلام، بل باسم شعارات أخرى تحيل مثلا إلى "القومية العربية" أو إلى "ماركسية جديدة" أو إلى "مناهضة العولمة" الخ.

وهذا ليس مجرد تخمين. فالعمليات الاستشهادية بدأت في لبنان من طرف حزب الله الشيعي، ثم ما لبثت أن اتخذتها حركة المقاومة الإسلامية السنية "حماس" في فلسطين طريقة للنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، ثم تلتها منظمة الجهاد الإسلامي.  ولم يمر وقت قامت فتاة ممرضة بنفس العملية مدفوعة بشعورها الخاص، بدون رفع أي شعار ديني...  ثم ما لبث الأمر أن تطور، فخرجت من جوف "فتح" حركة تتخذ من العمليات الاستشهادية أسلوبا في مقاومة الاحتلال، بدون رفع شعار ديني، وإنما باسم الوطنية الفلسطينية.

وقبل ذلك كله كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اليسارية الماركسية، قد لجأت إلى مثل هذه العمليات التي تسمى اليوم "إرهابا" في الإعلام الدولي!

هل نحتاج إلى ذكر أمثلة من خارج فلسطين؟

 إن التجربة التاريخية تؤكد أن السلوك الذي تسميه الإدارة الأمريكية اليوم بـ"الحرب على الإرهاب" يؤدي دوما إلى عكس ما يراد منه. وإذن فلننتظر "قواعد" أخرى إذا أصرت تلك الإدارة على المضي فيما هي ماضية فيه.

 

 

ا