خاطرة 1
:
ابن
لادن ... وما خص الله به الرسول محمد بن عبد الله عليه السلام
أثرت في التأمل السابق
مسألة خلو عبارة "11 سبتمبر" من اسم الحدث الذي اقترن بهذا التاريخ، والذي
أصبح هذا التاريخ علما عليه. وقد سمعت مؤخرا السيد ابن لادن، في برنامج تلفزيوني،
يسمى ما حدث في "11 سبتمبر" ، إذ تحدث عن "غزوتي نيويورك
وواشنطن". وغير خاف أن هذا الاسم
يحيل في خطاب ابن لادن إلى غزوات النبي محمد عليه السلام. والخاطرة التي خطرت بذهني بهذه المناسبة تتلخص
في السؤال التالي: "هل بلغ تقمص ابن لادن لشخصية النبي محمد عليه السلام إلى
الدرجة التي يسمي أفعاله باسم أفعال النبي؟ وهل يجوز ذلك شرعا؟"
معلوم أن الفرق بين
النبي محمد عليه السلام وغيره من الناس، المؤمنين برسالته وغير المؤمنين، أنه أولا
خاتم النبيئين والمرسلين، وأنه في دعوته وجهاده من أجل تبليغ رسالته قد خصه الله
بأشياء كثيرة لم يخص بها أحدا غيره. وإذن فلسنا مطالبين بأن نعمل مثل ما عمل النبي
عليه السلام لأن الفرق بيننا وبينه واضح: لقد كان عليه السلام يتصرف بتوجيه من
الله وبمدد منه خاص. أم نحن فنتصرف بمقدار ما أوتينا من الفهم والذكاء والخبرة
وكلها أمور معرضة بطبيعتها للنقصان
والخطأ.
نعم، على المسلم أن
يقتدي بسيرة الرسول الكريم وأن يتشبه به، وأكثر من ذلك تقرر الديانات السماوية وفي
مقدمتها الإسلام أن على الإنسان أن يتصف بالصفات الخلقية التي يصف الله بها نفسه
مثل الرحمة والكرم والشكر الخ، غي أنه لا
الاقتداء بسيرة الرسول ولا التشبه بالإله في صفاته التي يطلب من المؤمنين الاتصاف
بها، لا شيء من ذلك يسمح بالذهاب بالاقتداء والتشبه إلى الدرجة التي تشعر
بالمطابقة. فكما أن المتشبه بالإله يخرج عن الحد ويسقط في المحظور عندما يطابق
بينه وبين معشوقه ومحبوبه (الله) فينادي مثلا: "أنا من أهوى ومن أهوى
أنا" أو "ما في الجبة غير
الله"، الخ، فكذلك الشأن فيمن يدعي الإقتداء بسيرة الرسول الكريم ويطابق بين
أفعاله هو وأفعال الرسول. إن في هذا تجاوز للحدود.
هذا إذا كان المقصود بتسمية ما حصل في 11 سبتمبر بـ "غزوة" ربطها بغزوات النبي عليه السلام. أما إذا كان المقصود هو المعنى اللغوي الذي كان لكلمة "غزوة" قبل الإسلام فذلك شيء آخر.