الصفحة الأولى            السابق

 

 

تموجات  مسار ...

تداخل السياسي والثقافي والتربوي.

 

 

عندما أنظر إلى الكيفية التي حصل بها التداخل بين السياسي والثقافي والتربوي في مسار حياتي، يصيبني نوع من الاستغراب! ذلك لأنه رغم التعقيد الذي طبع معارج هذا التداخل فإني لم أشعر في أي وقت بثقله على نفسي. كنت أتصرف وكأني في حقل واحد: أمارس الكتابة السياسية كما أمارس الكتابة النظرية والبحث العلمي، كما أقوم بالتدريس أو بالتفكير في قضايا تربوية، وكنت أشعر في كثير من الحالات بأن هذه الحقول تتكامل ويعين بعضها بعضا على تمكيني من الفهم والاستيعاب. ولكي أشرك القارئ معي في تأمل هذا التداخل أضع أمامه السجل التالي:

1- تموجات مسار...

1- أكتوبر 1953، بعد إغلاق السلك الثانوي بالمدرسة المحمدية بالدار البيضاء، على إثر نفي محمد الخامس، التحقت بنفس المدرسة معلما في القسم التحضيري ثم في أقسام الشهادة الابتدائية.

2- 1956 حصلت على الشهادة الثانوية (البروفي). كما حصلت على شهادة الكفاءة في التعليم الابتدائي، مما خول لي الالتحاق بسلك التعليم بوازرة التربية الوطنية كمعلم رسمي ابتداء من فاتح أكتوبر 1957 وقد عينت في نفس المدرسة معلما رسميا معارا للتعليم الحر. 

3- 1956 حصلت على  الشهادة الأولى للترجمة (مترشح حر).

4- يونيه 1957 حصلت على شهادة البكالوريا كمترشح حر، وكان اتصالي الأول بالشهيد المهدي.

5- قضيت صيف سنة 1957 في جريدة "العلم".

6- أكتوبر 1957 يونيه 1958 أخذت تفرغا التعليم وقضيت السنة الجامعية الأولى في دمشق. وحصلت على شهادة "الثقافة العامة".

7- التحقت بجريدة "العلم" من جديد صيف 1958.

8- أكتوبر 1958 التحقت بكلية الآداب بالرباط قسم الفلسفة، حيث تابعت دراستي الجامعية...

9- أكتوبر 1958 التحقت بمعهد ليرميطاج بالدار البيضاء كقائم مقام مدير منذ إنشائه في نفس التاريخ إلى يونيه 1959.

10- ساهمت في انتفاضة 25 يناير 1959 والتحقت بجريدة "التحرير" منذ تأسيسها يوم 2 أبريل 1959 كسكرتير تحرير متطوع، في الوقت نفسه الذي واصلت مهمتي كمشرف على معهد ليرميطاج.

11- يونيه 1959 توقفت عن العمل في هذا المعهد بسبب ظروف انتفاضة 25 يناير، متخليا عن راتبي فيه، مواصلا العمل في "التحرير" براتب شهري متواضع.

12- ربيع 1960 سافرت إلى باريس بغرض الالتحاق بالسوربون ثم عدلت عن الفكرة وعدت إلى "التحرير" بإلحاح الشهيد المهدي كما رويت ذلك بتفصيل في الكتاب السادس (ص33).

13- يونيه1961 حصلت على الإجازة في الفلسفة. وحصلت على شهادة السنة الرابعة (الإضافية) في يونيه 1962.

14- في صيف 1962 قررت العودة إلى التعليم ومتابعة دراستي العليا فطلبت من الأخ محمد البصري مدير جريدة "التحرير" والأخ عبد الرحمان اليوسفي رئيس تحريرها إعفائي من الارتباط بالجريدة كموظف مداوم يتقاضى أجرا، دون أن ينال ذلك من التزامي بمواصلة نفس مهمتي فيها. وكان الأخ محمد الصديقي بنعلال قد التحق بنا قبل ذلك وتمرس على العمل فحل محلي كسكرتير تحرير مداوم، وفي الوقت نفسه واصلت مهمتي فيها متطوعا.

15- انتخبت عضوا في المجلس الوطني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية في المؤتمر الثاني مايو 1962.

16- في أكتوبر 1962 أنشأ المجلس البلدي في الدار البيضاء (وكان اتحاديا) معهدين ثانويين أحدهما للبنين أسندت إدارته للمرحوم عبد القادر الصحراوي، والآخر للبنات أسندت إدارته إلي.

17- 1963 قررت قيادة الاتحاد ترشيحي في انتخابات البرلمان، وقد اعتذرت رغبة في مواصلة مساري الثقافي بدون مشاغل إضافية

18- 16 يوليو 1963 اعتقلت مع باقي المسؤولين والأطر الاتحادية في مؤامرة تصفية الاتحاد ومكثت رهن الاعتقال في زنزانة بالدار البيضاء أزيد من شهرين ثم أطلق سراحي لفراغ الملف (انظر التفاصيل في الكتاب الثاني ص16)

19- في السنة نفسها (1963) قررت وزارة التعليم "تأميم" المعهدين البلديين وإدماج العاملين فيهما في سلك موظفي وزارة التعليم، فعينت أستاذا للسلك الثاني ثانوي ابتداء من أكتوبر 1962.

20- في مارس 1964 ساهمت في إصدار مجلة "أقلام". وقد تحمل مسؤولية المدير فيها الأستاذ عبد الرحمان بنعمرو، وتولى رئاسة التحرير كل من الأخوين محمد إبراهيم بوعلو وأحمد السطاتي. وكان الأخ بوعلو يتولى أيضا بمهمة المدير الإداري. وكان وجود "أقلام" واستمرارها بعناد كبير يدين له وحده تقريبا. وقد تحملت دار النشر المغربية عجزها المادي، بتدخل من المرحوم السي عبد الرحيم، منذ صدورها إلى أن توقفت سنة 1983 بسبب انفصال مديرها الأخ بنعمرو مع آخرين عن الاتحاد الاشتراكي، ولم يكن التوقيف من جانبه، بل ظروف الحادث المذكور اقتضت ذلك.

21- في مارس 1964 صدرت أسبوعية "الأهداف": المدير أحمد الخراص، رئيس التحرير مصطفى القرشاوي، سكرتير التحرير أحمد حمايمو. وكانت تهتم بالجانب الثقافي مع تغطية نشاط الفريق البرلماني الاتحادي وأخبار الاعتقالات والمحاكمات الخ. ومنذ ذلك الوقت انخرط الأخ مصطفى القرشاوي في سلك المحررين الأساسيين في جرائد الاتحاد وتحمل مسؤوليات فيها وفي الحزب، إلى أن عين عضوا بالمكتب السياسي في المؤتمر الرابع. وعلى العكس مما يعتقد فإن الذي حسم الموقف، في آخر لحظة، لصالح ترشيحه لعضوية المكتب السياسي هو الأخ عبد الرحمان اليوسفي. شهادة للتاريخ فقط!

22- في يونيو 1964 صدرت جريدة "المحرر" كأسبوعية بصفة مؤقتة (وكانت "التحرير" قد توقفت بصفة نهائية في أكتوبر 1963). وكان المرحوم الأستاذ إبراهيم الباعمراني، أحد مناضلي الاتحاد الوطني البارزين، قد أخذ مبادرة إصدار جريدة يومية باسمه هي "المحرر". وبعد الانفراج النسبي الذي حدث في أعقاب حوادث 23 مارس 1965 بالدار البيضاء وإطلاق سراح المحكوم عليهم في محاكمات اعتقالات 16 يوليوز 1963، أخذت "المحرر" تصدر مرتين في الأسبوع، لتصدر يومية ابتداء من 10 سبتمبر 1965 بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة العربي الثالث في المغرب. هذا وقد كان حضوري في "المحرر"، كمتطوع، منتظما كما كنت في "التحرير"، مع احتفاظي بوظيفتي في التعليم. كنت أقوم فيها بوظيفة سكرتير التحرير، كما كان الأخ عبد الرحمان اليوسفي يقوم بمهام رئيس التحرير، واستمر الحال كذلك إلى أن تعرضت لحجز منهجي عندما بدأت في باريس محاكمة المسؤولين عن اختطاف الشهيد المهدي. ونظرا لتدهور صحة المرحوم الباعمراني أسندت إدارتها إلى الأخ الحبيب الفرقاني. وعندما رفع الحصار عن المطبعة استأنفت "المحرر" صدورها يوم 14 فبراير 1967 ثم توقفت بسبب حملة الاعتقالات التي عرفتها سنوات 1969-1971 لتستأنف صدورها في أكتوبر 1972 في أعقاب انقلاب أوفقير. ثم توقفت بعد حوادث مارس 1973.

23-  في ديسمبر 1974، وفي إطار الاستعداد للمؤتمر الاستثنائي، استأنفت المحرر الصدور وتولى الشهيد عمر بنجلون إدارتها ورئاسة تحريرها. وكما واظبت على كتابة ركن يومي في "التحرير" بعنوان "صباح النور" من يوم صدورها في 2 أبريل 1959 إلى 16 يوليوز 1963 حين اعتقلنا، واظبت كذلك على كتابة ركن يومي في "المحرر" بعنوان "بصراحة". وكان ابتداء هذا التعليق (بصراحة) يوم 17 يوليوز 1965 و"المحرر" يومئذ أسبوعية، ثم صار يوميا عندما تحولت إلى يومية، وداومت على كتابته منذ ذلك الوقت (1965) إلى أن قدمت استقالتي من المسؤوليات الحزبية في أبريل 1981. ولما اغتيل الشهيد عمر تولى إدارتها الأخ اليازغي إلى أن أوقفتها السلطات الحاكمة سنة 1981. ثم حلت محلها سنة 1983 جريدة "الاتحاد الاشتراكي" التي أسندت إدارتها إلى الأخ محمد البريني.

24- في أكتوبر 1964 عينت أستاذا للسلك الثاني ثانوي في ليسي مولاي عبد الله بالدار البيضاء.

25- في يناير 1965 تم بناء وتجهيز ثانوية المقاطعة السادسة بالدار البيضاء (قريبا من ليسي مولاي عبد الله حيث كنت أدرس) فانتدبت إليها بصفتي قائم مقام مدير، ثم شاركت في الحركة الانتقالية فحصلت على منصب مدير لها بصفة رسمية.

26- على إثر حوادث مارس 1965 اعتقلت ضمن مجموعة من رجال التعليم ثم أطلق سراحي لفراغ الملف.

27- 1965-1966 ساهمت في الإعداد لتأسيس النقابة الوطنية للتعليم واستعادة التضامن الجامعي المغربي. (انظر التفاصيل في الكتاب الخامس ص95 وما بعدها).

28- في نوفمبر سنة 1966 قمنا، أحمد السطاتي ومصطفى العمري وأنا، بتأليف كتاب "دروس الفلسفة" لطلاب البكالوريا في جزأين: الجزء الأول في الأخلاق والميتافيزيقا، والثاني في مناهج العلوم وعلم الاجتماع وعلم النفس. ثم أردفناه في يناير 1967 بكتاب" الفكر الإسلامي ودراسة المؤلفات" حسب برنامج البكالوريا. وقد أقر الكتابان من طرف وزارة التعليم. وكان للكتابين صدى وترحابا كبيرين لدى الأساتذة والطلاب، وما تزال ذكراه الحسنة تتردد إلى اليوم على لسان الزملاء الأساتذة الذين درسوا فيه يوم كانوا طلابا.

29- في يونيه 1967 حصلت على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة، فالتحقت في أكتوبر بكلية الآداب بالرباط كأستاذ مساعد.

30- في غشت 1967 كنت من بين الذين انخرطوا في تجربة "الوحدة" التي عمل لها المرحوم عبد الرحيم بعد اعتقال المحجوب بن الصديق (أنظر التفاصيل في الكتاب الخامس ص 95 وما بعدها).

31-في 11 أكتوبر 1968 صدرت جريدة أسبوعية باسم "فلسطين" تولى إدارتها المناضل الوديع محمد الأسفي. وكان الشهيد عمر يشرف عليها ويحرر افتتاحياتها وكنت من بين المساعدين فيها.

32- وفي سنة 1968 توليت، وأنا أستاذ بالجامعة، مهمة مفتش الفلسفة في التعليم الثانوي المعرب بالمغرب كله.

33- في سنة 1969 رقيت إلى درجة أستاذ محاضر بنفس الكلية على أساس دبلوم الدراسات العليا الذي حصلت عليه في السنة السابقة. 

34- في سنة 1970 حصلت على شهادة دكتوراه الدولة في الفلسفة، وكانت لجنة المناقشة مزدوجة، مغربية فرنسية. من فرنسا: البروفسور هنري لاووسوت والبروفسور روجي أرلنديز. ومن المغرب: الدكتور نجيب بلدي والمرحوم الدكتور أمجد الطرابلسي وعميد الكلية آنذاك الأستاذ إبراهيم بوطالب. وكانت أولى دكتوراه دولة بالمغرب في مادة الفلسفة.

35- في أكتوبر 1971 عينت أستاذا للتعليم العالي، بناء على حصولي على دكتوراه الدولة.

36- في سنة 1971 ظهر لي أول كتاب وهو أطروحتي لدكتوراه الدولة وقد طبعت بعنوان "العصبية والدولة : معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي".

37- في سنة 1972 كنت ممن ساهموا في الإعداد لانتفاضة 30 يوليوز 1972 مع الشهيد عمر وآخرين. (انظر التفاصيل في الكتاب الثامن ص7 وما بعدها)

38- في سنة 1973 ظهر لي كتاب بعنوان "أضواء على مشكل التعليم". وهو في الأصل جملة مقالات كتبتها في مجلة "أقلام" المغربية بين يونيه 1972 ومارس 1973.

39- في خريف 1974 ساهمت في الإعداد للمؤتمر الاستثنائي للاتحاد وفي كتابة التقرير الإيديولوجي الذي توليت صياغته النهائية، وقد انتخبت في المؤتمر المذكور عضوا في المكتب السياسي (التفاصيل في الكتاب الثامن ص 43 وما بعدها).

40- في سنة 1976 ظهر لي كتاب: "مدخل إلى فلسفة العلوم: وهو جزآن. الأول بعنوان: "تطور الفكر الرياضي والعقلانية المعاصرة"، والثاني بعنوان "المنهاج التجريبي وتطور الفكر العلمي".

41- في 1977 ظهر لي كتاب بعنوان "من أجل رؤية تقدمية لبعض مشكلاتنا الفكرية والتربوية".

42- في السنة نفسها (1977) اعتذرت عن الترشح لانتخابات مجلس النواب وأكدت في اجتماع للمكتب السياسي على قراري منذ أوائل الستينات بعدم الانخراط في سلك النواب أو الوزراء الخ.   

43- في 8 أكتوبر 1978 قدمت استقالتي أول مرة من المكتب السياسي فلم تقبل (التفاصيل في الكتاب التاسع ص 110).

44- 1978 توليت الإشراف على سير أعمال المؤتمر الوطني الثالث للاتحاد الاشتراكي الذي انعقد أيام 8/9/10/ ديسمبر في ظروف حزبية داخلية صعبة.

45- في سنة 1980 صدر لي كتاب "نحن والتراث". ثم توالت كتبي بعد ذلك (انظر المؤلفات).

46- في 6 أكتوبر سنة 1980 قدمت استقالتي للمرة الثانية من المكتب السياسي فلم تقبل (التفاصيل في الكتاب التاسع ص 115).

47- في 5 أبريل 1981 قدمت استقالتي من المكتب السياسي للمرة الأخيرة وصمدت أمام ضغوط الإخوان أعضاء المكتب السياسي وغيرهم، حتى صارت أمرا واقعا (الكتاب التاسع ص 124)

48- منذ ذلك الوقت (أبريل 1981) انصرفت، انصرافا شبه كلي، إلى العمل الثقافي محتفظا في نفس الوقت بعلاقتي كما كانت من قبل مع الكاتب الأول للاتحاد (المرحوم عبد الرحيم بوعبيد ثم الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي أمد الله في عمره) مع المساهمة بالكتابة في جريدة الحزب. ولا بد من التذكير  بكون علاقتي بصحافة الحزب بقيت هي هي منذ صدور "التحرير" في 2 أبريل 1959 إلى يوم استقالتي من المكتب السياسي في أبريل 1981، ومنذ ذلك التاريخ اقتصر حضوري فيها ككاتب مقالات من حين لآخر. 

49- وفي سبتمبر 1997 أصدرت مع الأخوين محمد إبراهيم بوعلو وعبد السلام بن عبد العالي مجلة "فكر ونقد" التي توليت فيها مهمة رئيس التحرير.

50- أحِلْت على التقاعد ابتداء من أكتوبر 2002، بعد أن أمضيت في سلك التعليم خمسة وأربعين سنة خدمة، بصفتي رجل تعليم رسمي (أي من فاتح أكتوبر 1957 إلى 30 سبتمبر 2002).

2- حول الجوائز والعضوية في الأكاديمية.

 

1- جوائز نلتها وأخرى اعتذرت عنها ..

نلت جائزة بغداد للثقافة العربية التي تمنحها اليونسكو (5 آلاف دولار)، يونيو 1988. ثم الجائزة المغاربية للثقافة التي تمنحها تونس (16 ألف دولار)، مايو 1999. وكنت قد اعتذرت مرتين، في أواخر الثمانينات، عن الترشيح لجائزة الرئيس صدام حسين (100 ألف دولار) رغم إلحاح الاخوة العراقيين، وذلك لكونها لا تضم تخصصي (الفلسفة). كما اعتذرت عن جائزة المغرب مرارا. وكانت المرة الأولى يوم كان وزير الثقافة هو الأستاذ محمد بن عيسى. وقد ألح علي مشكورا، خصوصا وكان قد أدرج اسمي ضمن اللائحة التي قدمت لجلالة المرحوم الحسن الثاني، وأفهمني أن في الأمر إحراج ما. فكان جوابي: أنا متأكد من أن جلالته سيتفهم اعتذاري. وقد تكرر ترشيحي لهذه الجائزة على عهد وزراء آخرين بعد ذلك ولم أغير موقفي. كما اعتذرت قبل سنتين (2001) عن جائزة الشارقة التي تمنحها اليونسكو (25 ألف دولار)، لكونها هي نفس الجائزة التي نلتها من قبل باسم "جائزة بغداد للثقافة العربية". ورغم إلحاح الذين يهمهم الأمر فضلت تأكيد الاعتذار. واعتذرت في السنة الماضية 2002 عن جائزة العقيد القذافـي لحقوق الإنسان (32 ألف دولار)، إذ رأيت أنه من الضروري الانسجام مع موقفي من الجوائز التي اعتذرت عنها سابقا.

 

2- الاعتذار عن العضوية في الأكاديمية

اعتذرت عن العضوية في أكاديمية المملكة المغربية مرتين: في المرة الأولى كان الأستاذ بربيش، مدير الأكاديمية، قد اتصل بي بالهاتف ليخبرني أن جلالة الملك الحسن الثاني قد أمر مستشاره الأستاذ عبد الهادي بوطالب بتنصيبي عضوا في أكاديمية المملكة الخ. فأجبت بما يلي: إذا كان هذا التعيين أمرا من صاحب الجلالة فأمره مطاع. أما إن كان يجوز لي أن أعبر عن رأيي فأنا أعتذر. فرد علي الأستاذ بربيش بأنه ليس من اختصاصه الجواب عن هذا السؤال، وأنه إنما يبلغني ما أبلغه مستشار الملك الأستاذ عبد الهادي بوطالب. فطلبت منه إبلاغ جوابي للأستاذ بوطالب. ومرت بضع دقائق وكلمني الأخ عبد الهادي، وهو لي صديق وأخ كبير منذ أن كان عضوا في الكتابة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وهو من مؤسسيه. شرح لي الأستاذ "أسباب النزول" –حسب تعبيره- (مما لا حاجة للتطويل بذكرها بالتفصيل)، فأكدت له ما قلته للأستاذ بربيش. وحاول الأستاذ عبد الهادي إقناعي بروح أخوية، فأكدت له أني أفضل البقاء في موقعي في المعارضة، وككاتب بهذه الصفة! وقد طال الكلام بيننا على الهاتف وفي النهاية اقترح الأخ عبد الهادي أن يتركني لأفكر، وأمدني بأرقام الهاتف التي يمكنني الاتصال به فيها، في أي وقت، فشكرته على حسن تفهمه.

هذا وقد حصل اتصال بي في السنة الماضية 2002 من طرف الهيأة الإدارية في الأكاديمية، بواسطة عضو فيها صديق، من أجل ترشيحي لعضوية نفس المؤسسة فاعتذرت شاكرا، لأن صحتي لا تتحمل التنقل إلى الرباط للقيام بالمسؤوليات التي تقتضيها العضوية في الأكاديمية. 

 

3-  المرحوم عبد الرحيم بوعبيد والأكاديمية الملكية

ومع أن موقفي من عضوية الأكاديمية هو ما ذكرت. فلقد شعرت، في اللحظتين اللتين حصل فيهما الاتصال بي قصد الالتحاق بها، بشيء في داخل نفسي يلح على الاعتذار. والقصة كما يلي: زرت ذات يوم المرحوم عبد الرحيم بوعبيد، وكالعادة سألته عن "الجديد"، فقال لي: الجديد هو أني كنت مع جلالة الملك هذا الأسبوع بمناسبة كذا. وقد انتحى بي جانبا وحدثني عن مشروع يفكر فيه، هو إنشاء "أكاديمية ملكية"، تضم شخصيات مغربية وأخرى دولية. وأفهمني جلالته أنه يعتمد علي في العضوية فيها والتعاون للبحث عن الشخصيات العالمية وإقناعها ... ومرت شهور وإذا بخبر الإعلان عن تأسيس الأكاديمية مع ذكر أسماء الشخصيات التي عينها جلالته أعضاء فيها، ولم يكن فيها لا اسم المرحوم عبد الرحيم ولا أي اسم أي من المثقفين المنتمين للاتحاد الاشتراكي أو المتعاطفين معه، مع أنه كان هناك من بين الذين عينوا شخصيات من أحزاب أخرى أو متعاطفة معها. ولما زرت المرحوم عبد الرحيم بعد ذلك فهمت منه أن أعضاء من الحاشية الملكية قد "أفتوا" بترك الاتحاديين جانبا. بالفعل لقد ترك الاتحاديون جانبا إلى أن وقع الاتصال بي كما شرحت أعلاه. فكان الالتزام الأخلاقي مع المرحوم عبد الرحيم والرفاق الاتحاديين، يفرض الموقف الذي اتخذه.